يحدث ان يحصل لك أشياء في الحياة تكون مفصلية. وربما تصادف بعض البشر الذين يتركون اثرا في حياتك. لكن محاولة معرفة حقيقتك وسر سعادتك يكمن في معرفة الذات. يقول الحديث الشريفمن عرف نفسه فقد عرف ربه“. ومن هنا كانت مشاركتي في زمالة هي الثانية” الإقليمية للنساء العربيات التابعة لمبادرة السلام العالمي ضمن  مشروع نهضة سلام سلام الداخلي، سلام عالمي“.

إن ترك الأشياء التي نحيطها يومياً هو أول خطوة كبيرة نحو التطوير الذاتي. زمالة هي، خمسة أيام من برنامج محدد فيه ثماني كودات وهي:

1. يجب على المرء ان لا يقتل أو يؤذي الكائنات، حتى أصغر الحيوانات أو الحشرات.

2. لا يجوز للمرء أن يأخذ أشياء أو ممتلكات أي من صانعي السلام أو الطاقم دون إذن مسبق.

3. يجب على المرء الابتعاد عن جميع المشوشات الرومانسية (خاصة العلاقات).

4.يُنصَح المرء بمواصلة المحادثة إلى الحد الأدنى، ولكن عندما يتحدث، يجب عليه فقط استخدام الكلام الإيجابي والمشجع.

5. يجب على المرء الامتناع عن استخدام المسكرات أو مذهبات العقل والحفاظ على الجسم السليم ليكون جاهزا للتأمل.

6.خلال المعتكف، سيتم تقديم وجبتين فقط (الإفطار والغداء). وسيتم تقديم الحليب أو عصير الفاكهة خلال المساء.

7. خلال المعتكف يحظر استخدام اجهزة التواصل او الموسيقى الالكترونية أو الهاتف المحمول أو الإنترنت عبر الهاتف النقال أو أي جهاز ترفيه إلكتروني.

8. كما يرجى البقاء بعيدا عن ارتداء ماكياج ومستحضرات التجميل والعطور والكولونيا والمستحضرات أو مجوهرات الزينةخلال التدريب، سيكون نمط حياة أقل تطلبا وبساطة.

كنا نستيقظ في الخامسة فجرا لنصلي وثم تبدأ حصة التأمل على الخامسة والنصف لمدة ساعة وتتبع بساعة يوغا وثم الفطور. بعدها هناك حصة من ساعة ونصف يجريها اختصاصين تختلف من التلوين الى جلسات نسائية وتدريب حسي عصبي وغيره. ثم جلسة تأمل تتبع باخر وجبة هي الغداء من الحادية عشر ونصف الي الثانية عشر ونصف. ثم جلسة تعليمية وجلسة تأمل واستراحة عشاء تكون من السوائل وتتبع بحصة تأمل.  خلال النهار هناك أربع حصص تأمل تنقلك من عالم الأفكار الى عالم الذات. تلك النفس التي إذا ما سكنت أصبحت قادرة على مواجهة الخلاف والتوتر. لا شيء كامل في هذه الحياة،  والخلافات والمشاكل تتوالى على الانسان لكن ما يختلف هو كيفية التفكر والتفكيروالنظر بهذا الموضوع.

ساهمت المشاركة في هذه المعتكف على التكيف مع طريقة عيش أسلوب حياة بسيط، وعززت التخلي عن المرفقات والعواطف والانا. ساهم التدريب بإعطائي وقت أتيح لي فيه البقاء مع نفسي واكتشاف ماهية النفس الحقيقية. وساعد ذلك الانقطاع عن العالم الخارجي مما أكسبنا وقت كنا سنفقده إذا كان علينا التفكير في شخص آخر بدلاً من العمل على سلامنا الداخلي. كما كان الامتناع عن العشاء مساعدا على تنمية ملكة الصبر. كما ساعدنا على توجيه الطاقة إلى التطوير الذاتي والبقاء نقيًا قبل الذهاب إلى السرير.

تعلمت العديد من الأشياء منها اهمية التنظيم ومعرفة ان الطعام والنوم اساسيان لكن بمعدلات معقولة كما انه تعرفت على العديد من الفتيات وشاركنا مواضيع ومشاكل مشتركة رغم تعدد البلدان. تعلمت انه يجب تخصيص وقت محدد للهاتف مهما كان العمل مهما. تعلمت أهمية مراجعة الذات والتأمل بشكل يومي.

أن الوصول للسلام الداخلي هو عملية تتطلب العديد من الأمور والتي تحتاج لبعض الوقت ولكن ليست مستحيلة. بالنسبة الى الستة عشر امرأة عربية التي حضرت التدريب كانت هذهرحلة التَّغيير“. حيث اكتشفنا أنفسنا عن طريف التأمل ورياضة اليوغا والاحتكاك بالطَّبيعة وورّش العمل.

من الأشياء الرائعة كان وجود معلم  “الراهب باسورا”  متخصص بالتأمل ومكرس حياته لهذه التجربة من الصفاء الذهني ووجود مدربات من ضمن طاقم المبادرة لمنطقة الشرق الأوسط “نسرين” و “أسيل” ليتم تعزيز ثقافة السلام الداخلي باللغة العربية وضمان تسلسل البرنامج بما يحتويه من ورشات عمل وممارسات تعزز وتساعد لإكتمال النموالداخلي خلال فترة التدريب بالاضافة إلى وجود  مدربة حياةجيهان طوال مدة التدريب ساعدتنا على تخطِّي ما يمنعنا من التَّغيير.  ولا بد من شكر مدربة اليوغافرحالتي اعطتنا حصص يوغا متميزة ساهمت في تعزِّز تدفُّق الدورة الدموية في الجسم، وساعدت على توليد الطاقة الإيجابية لا سيما عندما مارسناها في الطبيعة، فحين نحرك اجسامنا لا نركز إلا في هدف واحد كما هو العقل والنفس والجسد وهذا يوجه عقولنا إلى ضرورة التحرك للإمام دون النظر إلى الماضي.


تلك الخمسة أيام التي كانت مساحة خالية من الانحرافات ولدت ظروفًا مناسبة لتحقيق التغيير الداخلي. نسأل المولى لي ولكم ان لا نكون من الذيننسوا الله فأنساهم أنفسهم“.