زمالة “هي” الثانية الإقليمية التابعة لمبادرة السلام العالمي ضمن مشروع نهضة السلام والتي ضمت ما يقارب الخمسة عشرة مشاركة من دول الشرق الأوسط وشمال اقريقيا. هذه التجربة كانت لمدة خمسة أيام، وتحديدًا من الرابع إلى الثامن(٤-٨) من شهرتموز (يوليو) 2018  لتعزيز ونشر ثقافة السلام بعيدًا عن منطق الاستهلاك اليومي.  كانت التجربة تستهل كل يوم طيلة هذه المدة في الخامسة والنصف صباحًا بحصة التامل ثم حصة اليوغا فبقيّة الجلسات التعليمية والتدريبة الأخرى. فهي تلك الرحلة الروحانية لاكتشاف الذات والوصول بها إلى السلام الداخل والموازنة مع الطبيعة والمصالحة معها.

زمالة “هي”، هذه المناسبة التي جعلتني أكثر إدراكًا لتفاصيل الحياة والجمال ..فحديثي عن المبادرة سيكون من المنظور المحسوس اللامرئي على الرغم من وجود  الثراء المرئي والذي هو في حد ذاته قضية. وهو الذي جعلني أكتب هنا.  فهذه المغامرة هي رحلة بحث في الروح  واكتشاف لأسرارها.  تجعلك تسبح بحمد العظمة وجمال الطبيعة ومشيئة الرب حيث تحقق في ذلك الغذاء الروحي الذي يقدمه التأمل، كيف لا وهو “أقوى من التفكير”  كما قال نيتشه. فهو يجعلك تدرك تفاصيل الأشياء من تفسير وحل ففي محرابه تصل التساؤلات والحيرة إلى مبتغاها كما يبلغ الانتظار إلى صبره والصخب الى سكونه و سلامه.

هي تفاصيل في سماع لضجيج الصمت ثم تهدئته للوصول به إلى جدلية التسليم والاستلام  التي بها تحقق النشوة الداخلية بمركزية الطبيعة والتي تكمن في الحرية الداخلية وهي بذلك تتحقق عظمة السلام الداخلي في العودة الى الطبيعة بمعية الرضا والمصالحة فالشكر.

 هذا الحد الإلهي المتمثّل  بالحرية، فهو يشكّل تلك الريشة في هبتها والبوصلة في عمقها. الريشة التي تجعل لحركة الطيران حضور بحضور مفهوم الجذب وغيابه. وبمعنىً آخر، لحضور جدلية التسليم والاستلام. وهي تلك البوصلة في عمقها المتمثّل بالتأمل في اللامرئي، ذلك البحث في اكتشاف تفاصيل الجمال والإيمان. هي التكريم لعقل انساني يبحث فيختار فيخلق، وهي الصدق والمصالحة التي تجعل الوصول لهذا المفهوم لمراحل الإبداع.  فهذي الحرية، هي الإيمان والعشق والجمال وهي الحياة. والحياة هي الحب، والسعادة هي هدف الإنسان وسيدركها في  النهاية عاجلًا أم آجلًا.

صوتك صدى الحياة…فاجعل لصوتك الداخلي صدى تأمل لادراك تفاصيله