تعتبر الظّروف النّفسيّة للشخص وما يختبره خلال فترة من الزمن من أهم ما يؤثر على الصّحّة الكليّة

كما تعتبر الظّروف النّفسيّة المضطّربة مؤثّرة على مستويات هرمون الكورتيزول ومستويات الالتهاب في الجسم البشري، حيث تؤثّر على أجسام المصابين وتصيبهم بالإرهاق

بالإضافة إلى التّأثير على المستوى الخلوي ومستوى الأجهزة البيولوجية الرئيسيّة في جسم الإنسان، كالجهاز العصبي والجهاز الهضمي والجهاز المناعي والمستوى الخلوي الذي له علاقة مباشرة بمرض السرطان

التوتّر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يعتبر التوتّر هو المسبب الرئيسي لأغلب الأمراض النفسيّة والبدنيّة، والتي تؤثر بشكل مباشر على الصّحة البدنيّة من خلال اضطراب مستويات الهرمونات المختلفة في المخ وحركة الأمعاء ومستوى الهضم

حيث أنّ التوتر ومن خلال تأثيره على حركة الهرمونات داخل عقل الإنسان، يؤدّي إلى اضطراب الإشارات القادمة والذّاهبة من المخ إلى بقيّة أعضاء الجسم والعكس. كما ويؤثّر على النفسيّة، مما يؤثّر على التواصل الاجتماعي والعلاقات، لاسيّما أنّ الإنسان كائن اجتماعيّ يحيا وسط أقرانه

لذلك، يعتبر التوتّر قاتلّا خفيًا لا يمكن رصده ولا يمكن مواجهته بالتدخل العضوي كاستخدام الأدوية أو حتى العمليات الجراحية

 

 ” OSHA ” وقد أدرجت إدارة السلامة والصحة المهنية

التوتّر كأحد مخاطر بيئة العمل، كما أنّها اعتبرت الصّحة النفسية هي العامل الرابع في سلامة وصحة العامل بعد العامل البدني، المادي، والاجتماعي. كما أوصت المنظمة بضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للعامل في بيئة العمل

التوتّر في أجسامنا

فيما يلي سنتناول بشكل مبسّط تأثير التوتّر والتجارب النفسيّة الصّعبة على أجهزة الجسم المختلفة

 

ّالجهاز العصبي

يؤدي التوتّر وما يسببه من اضطراب في الجسم البشريّ إلى حدوث تغيّرات في الدماغ، على سبيل المثال منطقة اللوزة المسؤولة عن مركز الهروب أو المواجه؛ حيث أنّه من الممكن لتلك التغيّرات أن تغير في البنية التّشريحية للدّماغ وخاصّة في سنّ أصغر،في مرحلة تكوين الدّماغ

وأظهرت أبحاث جامعة كولومبيا الأمريكية أنّ الأطفال الذين تعرضوا لظروف صعبة في سنواتهم الأولى، يختلف شكل دماغهم تمامًا عن الأطفال الذين حظوا بظروف أفضل تحيطهم حبًّا ورعايةً

القلب

يزيد التوتر من خطر الأمراض القلبيّة، من خلال زيادة فرص الإصابة بالقلق والاكتئاب

وبحسب الرابطة الأمريكية لطب القلب، فإنّ التوتّر يؤثر بشكل غير مباشر على صحة القلب من خلال ارتفاع ضغط الدم، وزيادة الرّغبة للتدخين أو اضطراب العادات الغذائية

كما أن الّتعرض لإحساس نفسي صعب، يؤدي إلى إضعاف عضلة القلب بسبب زيادة إفراز الكورتيزول، وتُدعى هذه الظاهرة باسم متلازمة القلب المنفطر

 

ّالجهاز الهضمي

يعتبر الجهاز الهضميّ أكثر أجهزة الجسم البشريّ صلةً مع الدماغ والمخ، لذلك نجد أن إيميران ماير – أختصاصي أمراض الجهاز الهضمي بجامعة كاليفورنيا- يقول : أن الدماغ يتواصل بشكل قوي مع الجهاز الهضميّ، لذلك من الطبيعي أن تتلازم المشاكل النفسيّة مع المشاكل الهضميّة

كما أن برصد تحليل عينات من المرضى المصابين بمتلازمة اضطراب الأمعاء، معاناتهم من التوتر وبعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب.

خلايا جسم الإنسان

تتأثر خلايا جسم الإنسان بالحالة النفسيّة بشكل كبير، حيث أظهرت دراسات لباحثون من جامعة كارنيجي ميلون، أن التوتر يزيد من خطر الإصابة بالزكام وأدوار البرد الشائعة، كما أن التوتر يؤثّر على سرعة التئام الجروح

وليس ذلك كل شيء، حيث أنّ التوتّر يؤثّر في زيادة فرص الإصابة باضطراب انقسام الخلايا مما يعرّض لمرض السرطان

وبتحليل بعض عينات سيدات شُفين من سرطان الثدي، وجِد أن السيدات اللاتي عشن في ظروف نفسية جيدة، أصبحت حالة خلاياهن وجهازهن المناعي تتطور بشكل كبير

حيث قلّت ظروف عودة المرض إليهن، على عكس أقرانهن اللاتي عانين من ظروف نفسية صعبة بعد الاستشفاء. ففرص الإصابة بالمرض مرت على نفس المعدل، بل أن بعضهنّ خضعن للعلاج الكيماوي مرة أخرى

النوم

يؤثر التوتر على مستويات النوم للإنسان، حيث أن التوتر يُحفز إفراز هرمون الكورتيزول، الذي يعمل على تنظيم مستويات السكر في الدم أثناء النوم ووقت الاستيقاظ

 رصد باحثون أن المصابين بالاكتئاب والتوتر، لديهم مستويات مرتفعة من هرمون الكورتيزول، بالإضافة إلى عدد ساعات مضطربة من النوم سواء كانت أقل من الطبيعي أو أكثر من الطبيعي

المواجهة

كما أشرنا أن التوتّر ليس عرضًا واضحًا أو ماديًا يمكن لمسه ورصده، ولكنه كالقاتل الخفي لا يمكن ردعه بالأدوية -التي لها أعراض جانبية غير محدودة- أو بالتدخل الجراحي

التّأمّل

يعتبر التّأمّل من أقدم الممارسات التي قام بها الإنسان منذ خلقه، ومنذ قديم الأزل، يبحث الإنسان عن ذاته وسبب خلقه والهدف من وجوده. وقد ساعده التّأمّل على اكتشاف الحكمة في الكون واكتشاف نفسه، وسيظل التّأمّل مميزًا للعقل البشري ومساعدًا على التحكم به

meditating young girl

ما يسبب التوترعادة هو التفكير في الماضي عن طريق ذكرى أو مشاعر مؤلمة انتهت أو لم يعد لها أي وجود. أو التفكير في حدث لم يحصل حتى الآن، أو توقع نتمناه أو اي شيء من المستقبل، بينما نهمل الحاضر وما نمتلكه الآن

فوائد التّأمّل

هناك عدد غير محدود من الفوائد الناتجة عن ممارسة التأمل ، وكل يوم هناك عدد من الأبحاث والدراسات عن ذلك

وقد قدم المركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية التابع للمعهد الأمريكي للصحة بإدراج عدد من الفوائد عن أهمية ممارسة التأمل وأهم النتائج للجسم البشري، وهي

١. التقليل من فرص الإصابة بأمراض السرطان، والتقليل من أعراض الإرهاق والتوتر وتقلّب المزاج

٢. التقليل من ارتفاع ضغط الدم

٣. المساعدة في دعم صحة المرأة

٤. التقليل من حدّة التعرّض للتوتّر والقلق

٥. التقليل من حدّة أعراض المصابين بمتلازمة القولون العصبي

٦. المساعدة على التقليل من عادة التدخين

٧. المساعدة في تقليل حدة الإصابة بفرط الحركة والاضطرابات السلوكيّة

٨. التّأمّل يعتبر من الوسائل الآمنة للمساهمة في الحياة الصحية

ويتزايد الاهتمام العالمي بالتّأمّل لما له من مساهمات في التأثير الإيجابي على صحة الإنسان

الأسلوب

إنّ التّأمّل هو ما يساعدنا على التفكير في الحاضر والتركيز فيما نملك الآن، وندع الماضي لأننا لا نملك تغييره إنما نملك أن نتعلّم مما حدث في الماضي. كذلك، ترك المستقبل لأن القلق والتفكير فيه لن يسرع وتيرة الأمور. ومن هنا تأتي أهميّة الحاضر وجعل العقل موجود هنا والآن، عن طريق التّأمّل

والتّأمّل لا يحتاج إلى تجهيز مسبق أو إعدادت مميزة. لا تحتاج إلّا لمكان هادئ نسبيًّا ومكان مريح للجلوس والتنفس بهدوء ورفق، مع إغلاق الأعين

تلك هي أحد أساليب التّأمّل وهي التنفس، ويمكنكم أن تمارسوا هذا الأسلوب يوميًّا لمدة خمسة دقائق قبل النوم. مما سيكون له أثرًا إيجابيًا على صحتكم الجسديّة والنفسيّة والاجتماعيّة والاحساس بالسّلام والهدوء

 

 

يمكنكم الانضمام إلى برنامج التنمية الذاتية لمدة 42 يومًا على الموقع، والتأمل يوميًّا

ولا تنسوا أن تشاركونا أرائكم وتجربتكم خلال وقت السلام الداخلي أو وقت التّأمّل

دمتم بسلام وسعادة

Unsplash.com حقوق الصور محفوظة لموقع